كلّ المجازر تتشابه | معرض رقميّ

الانتفاضة | عبد الهادي شلا

 

وُلِدَ الفنّان عبد الهادي شلا في غزّة عام 1948، وحصل على البكالوريوس من «كلّيّة الفنون الجميلة» في القاهرة عام 1971، وهو فنّان تشكيليّ متفرّغ منذ عام 1995، ومدير عام «مركز شلا للفنون»، وعضو «الاتّحاد العامّ للفنّانين التشكيليّين الفلسطينيّين» منذ عام 1972.

في هذا المعرض الرقميّ الّذي تنشره فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة للفنّان شلا، يرافقه نصّ للناقدة المصريّة فاطمة علي:

منذ سنوات طويلة، أتابع على فترات أعمال الفنّان شلا الّذي يثير حيرتي في ممارسته لمنهجه الفنّيّ، وتطويع لوحاته بين معالجتين متباينتين أسلوبيًّا ومفاهيميًّا، في ممارسة الفنّان لفنّه طوال سنوات عديدة، كأنّه يقف عند منطقة تلتقي فيها رؤيتان متضادّتان بين الرسم والتعبير، وهو مثابر على كلٍّ منهما، ويملك ناصيتهما بإجادة. فأراه في مجمل رحلته الفنّيّة يقدّم سكونيّة اللوحة، وإيحاء الحركة أيضًا، بل الحركة السريعة بضربات فرشاة سريعة كلوحته «التزلّج على الجليد»، والحركة القويّة للريح في لوحة تصوّر امرأة في مهبّ الريح، الّتي نرى آثارها في انتفاخ ثياب المرأة السائرة داخل الريح في مقاومة شديدة انثنى فيها الجسد كلّه، حتّى بدا القوام البشريّ يتضاءل أمام ريح غير مرئيّة أصبحت بالإيهام مرئيّة، وهي لوحة محمَّلة بدلالات كثيرة، ربّما عبّر بها عن وطنه الصامد في مهبّ الريح، لا يسقط وإن سار منثنيًا.

لذا؛ وجود المرأة يجعل لوحاته تموج بالحركة والرمز والطاقة. ونلتقي على فترات زمنيّة تبادليّة، أو في ذات الفترة الزمنيّة، بلوحات ساكنة تمامًا، في استقرار داخليّ في معالجة أقرب إلى الزخرفيّة. ومثلما ينجز الفنّان المتحرّك والثابت في لوحاته، نراه أيضًا مازجًا بين العضويّ والهندسيّ، والوجدانيّ والذهنيّ، في اللوحة الواحدة، وهو مولع أيضًا بالبنائيّ والتفتيتيّ في نفس الوقت.

وأرى عناصره الهندسيّة تتلاصق مترابطة معًا، متكاملة في ثبات دون أن تتلاشى. وفي لوحات أخرى أراها حرّة سائبة، أو الأصحّ حائمة تقترب من سمات الرسم التعبيريّ، محتفظة بهندسيّتها دون حدّة، ولنراها عناصر تحاول التلاشي أمام أعيننا في اللوحة، تاركة علامات بصريّة وخدشات لونيّة تشير إلى استمرار وجودها الوجدانيّ بدرجة ما.

وهنا، أجد الفنّان يعمل على فكرة التلاشي للشكل العضويّ وليس الهندسيّ؛ أي التلاشي العاطفيّ وليس الذهنيّ، ومثل التلاشي أرى لوحاته في الغالب بلا مركزيّة بصريّة، ولها مداخل وتعدّد تفسيرات مرنة للحفاظ على وجودها؛ فهل لهذا علاقة بأرضه الفلسطينيّة البعيدة، وعدم تلاشيها من الذهنيّ، رغم تآكل المسافات المادّيّ أو تلاشيها؟     

ربّما يبدو لي عبد الهادي شلا أحيانًا في لوحاته، على مرّ السنوات، كأنّه يقف بين منطقتين، أحيانًا تتواصلان وأحيانًا تنفصلان تمامًا. ربّما الغربة جعلته جسدًا وروحًا قائمًا بين مكانين؛ بين أرض الوطن وأرض الغربة، وبينهما تتراوح إبداعاته المنقسمة بين عالمين.

عالمه الأوّل وجدانيّ ما زال مصبوغًا بالألوان الرماديّة الشديدة الدراميّة، المتمثّلة في نسائه المرتبطات بلون الأرض الرماديّ، وعالم مفتوح يتهادى ذهنيًّا بالأفكار، مصطبغًا بالألوان البرّاقة الصريحة؛ ليبدو كإنسان يجيء ويذهب على حافّة منطقتين بين عالمين وداخلهما، أحيانًا هو على الأرض، وأحيانًا محلّقًا مع الروح.  

مرّ الفنّان الكبير شلا بالتعبيريّة إلى التجريديّة التعبيريّة والهندسيّة الممتدّة، دون أن تتّسم بالتكراريّة؛ ففي هندسيّاته قد يبدو كأنّه يقيم تنسيقًا أوركستراليًّا للألوان الصريحة داخل مساحاتها الحادّة، بينما يخصّ ألوانه القاتمة لنسائه بنغمة دراميّة واحدة. لتتّفق دراميّاته البصريّة هذه ومضمون لازمه مدى تطوّره الفنّيّ بدأ منه، وما زال مخلصًا له، وهو قضيّة أرضه الّتي تحوّلت إلى قضيّة شخصيّة لازمت شخوصه، رغم قلّة ظهورهم.

اللون أحيانًا يوحي بالتجسيم، وفي لوحات يبدو مسطّحًا زخرفيًّا تمامًا، ليتنوّع مظهر اللون؛ تبعًا لما تختاره اللوحة، بين عاطفيّتها الوجدانيّة وهندستها الذهنيّة المقسّمة بصلابة، وأحيانًا تبدو أفكارًا متناثرة من استعارات، وإن كانت تتشابه واللوحة التراثيّة؛ لتفاجئنا وقد استمدّت حيويّتها باستحضاره لورقة شجر محلّقة أو من عنصر نباتيّ زخرفيّ أو طائر حائر. ومن المثير اهتمام الفنّان بفراغ اللوحة الهندسيّة، ويعمل عليه كاهتمامه بفراغ لوحاته التعبيريّة والتجريديّة وهوائها.

 


 

صبرا وشاتيلا

 

 

الطفل الشهيد

 

 

الغريق

 

 

طفل من غزّة

 

 

صورة حديثة

 

 

بلا عنوان

 

 

كلّ المجازر تتشابه

 

 

الاجتياح

 

 

زهرة الحنّون

 

 

تصدٍّ

 

 

غزّة

 

 

برتقال بلديّ 

 

 

دير ياسين

 

 


 

عبد الهادي شلا

 

 

 

فنّان فلسطينيّ وُلِدَ في غزّة عام 1948، وحصل على البكالوريوس من «كلّيّة الفنون الجميلة» في القاهرة عام 1971. شارك شلا في العديد من المعارض الجماعيّة والمشتركة، كما أقام العديد من المعارض الشخصيّة منذ عام 1973، منها في طرابلس، والكويت، وبغداد، والدوحة، ولندن.